يعرض مسلسل «خالد صالح» أو مسلسل «الريان» للمخرجة شيرين عادل من تأليف محمود البزاوي وحازم الحديدي، لسيرة أكثر رجل كرهه المصريون وهو «احمد الريان» وأحد أبرز أصحاب شركات توظيف الأموال الإسلامية الذي نهب أموالهم، قبل ان يتعرفوا على مدى كراهيتهم لنظام الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.
تمكن أحمد الريان في السبعينات والثمانينات بذكائه واستغلاله لسياسية الانفتاح التي أطلقها الرئيس السابق انور السادات، من ان يقنع ملايين المصريين في ان يستغلوا أموالهم على طريقة الأرباح الإسلامية من خلال التجارة والاستثمار القريب المدى فيحصلون على فوائد كبيرة جدا وصلت الى نسبة الـ 30 % من قيمة المبلغ المودع لدى شركاته.
وقد انهارت هذه الشركات بعد انقلاب النظام السياسي عليها بعد سنوات عدة على تولي رئيس النظام السابق حسني مبارك الحكم. وتكشف ان هذه الشركات التي استغلت الدين بأبشع الصور عن طريق تشغيل العديد من أشهر رجال الدين والقانون في خدمة هدفهم، قامت بنهب اكبر قدر ممكن من الثروة بأسرع الطرق وأسهلها وهو استغلال نزعة التدين الشعبي لدى المصريين.
لكن المسلسل قدم شخصية الريان بطريقة مغايرة للواقع تقترب من تجميل شخصية الرجل موضوع الخلاف على صعيد المجتمع المصري، الى جانب تقديم «أصحاب الذقون على انهم أصحاب مصداقية كبيرة بما يخدم التيارات الدينية في محاولتها للاستيلاء على الثورة والسلطة الآن في مصر بعد ثورة 25 يناير» حسب الناقدة علا الشافعي.
من جهته اعتبر رئيس مجلس ادارة دار الهلال المصرية الكاتب والصحافي حلمي النمنم ان «الطريقة التي قدم فيها المسلسل شخصية الريان تعتبر تزييفا حقيقيا للتاريخ ولمرحلة مهمة من تاريخ الشعب المصري».
وتابع «فشركات توظيف الأموال الإسلامية تعتبر افرازا طبيعيا لهذا النظام والمسلسل بدلا من ان يكشف علاقات الفساد ويكشف عن الشخصية الفاسدة للريان، حول الافرازات الطبيعية لنظام مختل وفاسد الى قضية علاقات نسائية وفهلوة مصرية وهذه تقدمة تختلف كليا عن فضح الفساد».
ورأى النمنم ان «المسلسل الذي يرتكز بدلا من تقديم صورة حقيقية عن انسان أثر سلبيا وخرب حياة شعب، فقط على علاقاته مع النساء بشكل أخلاقي بطريقة تؤدي الى اثارة شهوانية الرجال وتؤكد نزعة تحويل المرأة الى جارية وقبولها هذا الوضع، لا يمكن له الا ان يكون مسلسلا سيئا الى أبعد حد».
من جهتها أكدت الشافعي ان «المسلسل لم يتجاوز التكرار الممل في حلقاته المتعاقبة التي تصور عقد الصفقات التي يقوم بها وأشقاؤه وتوسعاتهم الاستثمارية في كل المجالات والتركيز على الحياة النسائية والحياة العادية لبطل المسلسل احمد الريان حسب ما رآه خالد صالح الذي يلعب دور البطولة في المسلسل».
وأوضح الناقد السينمائي طارق الشناوي ان «الفنان خالد صالح لم يدرس شخصية الريان ويتقمص شخصيته. لكنه احضر شخصية الريان بروح خالد ولم يقدمها بقيمتها الدرامية التاريخية التي تمثلها شخصية الريان أكثر شخصية يسعى العديد من المصريين للثأر منها».
وتابع «فالريان أصاب المصريين في السبعينات والثمانينات في مقتل لأنه اخذ منهم تحويشة العمر و90% من أصحاب الأموال المصرية كانوا من ضحايا شركة التوظيف الإسلامية وبشكل رئيسي شركات الريان.
وقد خلف المسلسل تناقضا لدى الناس وصراعاً داخلياً حول شخصية الراجل صاحب الدم الخفيف بتاع النسوان الذي يؤدي دوره خالد صالح وبين رغبتها في الانتقام من احمد الريان».
ركز المسلسل في خطوطه الدرامية بشكل رئيسي على شخصية خالد صالح ضمن سياق مسلسلات السيرة الذاتية التي تعتمد على نسج احداثها حول شخصية النجم الذي يلعب دور البطولة.
فألغيت بهذه الطريقة مرحلة مهمة جدا في التاريخ المصري، تم تجاهلها بشكل فاضح في المسلسل.
فلم تبرز أحداثه أية أفكار اجتماعية أو سياسية تلقي الضوء على المرحلة السياسية التي فتحت الفرصة أمام الشركات الإسلامية لتوظيف الأموال ودور الفساد والإفساد الذي لعبته أموال البترو دولار ودور النظام نفسه في الاستفادة من هذا الفساد والإفساد في تمرير سياسات أوصلت مصر الى ما وصلت اليه في السنوات الأخيرة.
ورأت الشافعي في ذلك ان «الشخصية التي امتلكها الريان والتي تستند الى فلسفة المكيافيلية المتعلقة بالغاية التي تبرر الوسيلة حيث استطاع الإسلاميون عبر هذه الشركات ان ينشئوا حكومة موازية للحكومة السياسية.
وهذا الازدواج في السلطة دفع السلطة السياسية للانقلاب على وليدها: شركات توظيف الأموال الإسلامية.
واستعاضت عنهم في ما بعد برجال الأعمال الفاسدين الذين سيطروا على حياة مصر حتى الآن».
وتابعت «ضمن أحداث المسلسل ارتكز خالد صالح على الفلسفة نفسها. فالغاية في إنجاح المسلسل جعلته ينقل شخصية مغايرة لأحمد الريان ويقدمه بصورة شيقة وجميلة بعيدة عن الدور التدميري الذي قام به ووقعت ضحيته آلاف العائلات المصرية، بما يشكل كارثة بالمعني الحقيقي للوعي السياسي والمراجعة التاريخية العلمية».
وكان احمد الريان محقا في انتقاداته التي وجهها للمسلسل في مقابلة أجراها معه الصحافي احمد سعد الدين في مجلة الأهرام العربي الأسبوعية، عندما قال «هذه الشخصية ليست شخصيته وان المسلسل يسيء إلى عائلته».
وكلمة حق تقال هنا ان المسلسل لم يعرض لشخصيته بقدر ما عرض لشخصية خالد صالح الذي خطف شخصية احمد الريان وأبعدها عن مسار واحداث المسلسل وأساء ايضا إلى عائلة الريان.
وهذا مؤكد لان مؤلفي المسلسل لم يأخذوا بعين الاعتبار الظرف التاريخي الذي كانت تعيشه العائلة وسط الحياة المصرية سياسيا واجتماعيا في تلك الفترة.
كذلك جاء المسلسل مهينا للمرأة لجهة قوة الشخصية التي مثلتها ريهام عبد الغفور التي مثلت دور الزوجة المتسلطة على زوجها (في المسلسل) والشخصية الكريهة التي قدمتها.
وتجسدت الإهانة أيضا من خلال عبودية المرأة مع الفنانة درة ومروة عبد المنعم وايناس زوجات خالد صالح في المسلسل اللواتي لم يقدمن سوى صورة الجواري كما تراها الجماعات والتيارات الدينية المختلفة.