بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أخواني الكرام
بعد هذا الغياب احب ان ابارك لكم دخول شعبان ونسأل الله ان يبلغنا رمضان ويبلغنا التوفيق للأعمال التي ترضيه عنا
وقد قرأت لكم هذا الموضوع المفيد فأحببت نقله لكم .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أغلب شعبان، هكذا يحكي لنا الصحابة رضوان الله عليهم حرص نبينا عليه الصلاة والسلام على الصيام في شهر شعبان، ويصفون سنته المباركة في هذا الشهر، إذ تقول عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم]، وروي نحو هذا عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وفي رواية عن النسائي والترمذي أن عائشة قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله، وفي رواية لأبى داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان. وهذه أم سلمة رضي الله عنها تقول: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".

وهنا سؤال قد يتبادر إلى بعضنا، ما المميز في هذا الشهر دون الشهور الأخرى ـ عدا شهر رمضان طبعاً ـ حتى يخصه النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة الصيام؟ لن أجيبكم، بل الجواب أتانا أيضاً من النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" [رواه النسائي].. ولا يحق للمسلم أن ينسى؛ لأن النسيان دليل الإهمال ولا يهمل المسلم أهم مهمات الحياة، وهو عبادة الله وذكره، ولذلك قال بعض أهل العلم: هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر كما قال: "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل"، ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤخر العشاء لنصف الليل، وإنما علل ترك ذلك لخشية المشقة على الناس، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهل، أو غير ذلك؟ فقال حين خرج: "إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة" [رواه مسلم]، وفي رواية: "ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم"، وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بالذكر في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر، ولاستيلاء الغفلة على الناس..

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس..

أختي الكريمة..

إنه من فضائل هذا الدين، أن جعل للعباد غنائم يحوزونها بأجورها العظيمة، ومن هذه الغنائم هذا الشهر الذي نحن فيه، وفي إلماحة لطيفة نشير إلا أنه يمكن اغتنام الأيام البيض القادمة، وجمع هاتين النيتين العظيمتين وتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم في صيام هذا الشهر وسنته في صيام الأيام البيض التي تعدل صيام الدهر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر" [رواه الترمذي وحسنه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله" [متفق عليه]..

ولسنا ننسى ذلك الحديث القدسي العظيم الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: "كل عمل ابن آدمله، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به" [رواه البخاري]..

قد نقلته لكم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته